Pages

النقد

النقد ضروري لأجل شحذ الفكر ولإنارة الدرب أمام الممارسة

lundi 26 septembre 2016

التوظيف السياسي للدين/ اغتيال حتر في الأردن و تجريم المفتي للاحتجاجات الاجتماعية في تونس


التوظيف السياسي للدين/
اغتيال حتر في الأردن و تجريم المفتي للاحتجاجات الاجتماعية في تونس
الوزير الأول الاردني الذي حرّك دعوى قضائية ضدّ ناهض حتر ، و وزير الداخلية الذي اقتفى اثره ، ثم وزارة العدل التي أمرت بسجنه و محاكمته ،
اختفوا كلهم حول اتهامه بــ"الإساءة للذات الإلهية" ، و أعطوا بذلك الضوء الأخضر لذراعهم الاخواني/التكفيري لشيطنته ثم لاغتياله في وضح النهار و على مدرج قصر "العدل".
غير أن الأمر الثابت ، هو أنّ "الربّ" الذي " أساء" اليه ناهض حتر في نظر "شبكة الاغتيال" الأردنية هو ليس ذاك الذي يؤمن به بقية المؤمنين المعتقدين البسطاء.
فالربّ الذي تجرّأ ناهض حتر على نقده و التشهير به ، هو في الحقيقة ذاك الذي "يتعبدّه " ليلا نهارا ملوك الطوائف الخليجيين و على رأسهم ملك آل سعود . هو الرب الامريكي /الصهيوني الذي يدينون له عمالة و تطبيعا ، و رعاية و تمويلا لبذرة الطائفية و التكفير و التقتيل في بلداننا.
أما في تونس ، فلدينا جهازا قروسطيا يسمى ديوان الإفتاء ، يُشغّل مُوظفين و له مقرّات و موازنة مالية . و المفتي الذي "تُعّينُه " الدولة على رأس هذا الديوان هو في مرتبة وزير ، يتقاضى أجورا و يتمتع بامتيازات طائلة . و تتمثّل وظيفته و دوره الأساسي في "تقصّي" هلال العيد بالعين المُجرّدة و الإعلان عن رؤيته من عدمها. و هو أمر موضع تندّر لدى عامة التونسيين الذين يعلمون مسبقا ان المفتي "يشاهد" الهلال او يعمى عنه تطبيقا لتعليمات الحكومة .
و لو بقي الامر في نطاق رؤية الهلال من عدمها حسب طلب الحكومة ...لهان الأمر!!!!
غير أنّ "المفتي " طلع على الشعب التونسي اليوم ببلاغ يعتبر فيه ان الوضع الاقتصادي للبلاد يتطلّب مزيدا من البذل و الشغل و العطاء ، مشدّدا بناء على ذلك على ضرورة " ترك الاحتجاجات العشوائية والاعتصامات المُعطّلة للعمل والإنتاج ،وسدّ الطرق والإضرار بالملك العام".
المفتي الذي "يشاهد" الواقع الاقتصادي و الاجتماعي التونسي حصريا بــ"عين" و "منظار" الحكومة يطلب من الشغالين و المُعطّلين عن العمل دون سواهم التخلي عن مطالبهم المشروعة في الشغل و الكرامة . غير أنه يزيغ بضره و بصيرته و "ورعه" و "تقواه " عن مطالبة عصابات اللصوص القديمة-الجديدة الحاكمة بالتوقف عن مصّ دماء الفقراء و عن التوقف عن التهريب و التهرّب الجبائي و عن التفويت في الموارد و السيادة الوطنية و عن التبعية العمياء لمراكز و صناديق النهب الراسمالية الدولية.
و الحقيقة أنّ أداء المفتي لدور المُوظّف السياسي للدين لصالح الطغمة الحاكمة ليس بالأمر الجديد. فنحن لا ننسى كيف انه ، - و في محاولة لفك الحصار الشعبي عن بن علي أثناء الانتفاضة الشعبية -، اصدر بلاغ عار و خزي يوم 8 جانفي 2011 ، دعا فيه إلى " عدم الصلاة على المنتحر ..استنكارا لما صدر عنه و زجرا لغيره..." و كان المقصود بقوله آنذاك الشهيد محمد البوعزيزي الذي فجّر انتحاره نقمة الشعب التونسي و ثورته على نظام بن علي.
في عمّان يقع توظيف الدين لاغتيال عقل حرّ ، و في تونس يقع توظيف الدين لاغتيال إرادة و طموحات شعب في تجسيم حقه في الكرامة و المساواة و العدالة الاجتماعية.
ان أجهزة القمع الإيديولوجية للدولة متنوّعة و متداخلة ، غير ان المقدس الديني ياتي في مقدمة هذه الادوات الموظفة حاليا في المنطقة العربية لتذريرها و تفجير انسجتها الاجتماعية الداخلية و اعادة رسم خرائط و خطوط الهيمنة الامبريالية/الصهيونية عليها.
و من أوكد المهام المطروحة على المفكرين و المثقفين التقدميين ابراز و فضح و تفكيك هذا التمشي المتصاعد الخطير على طريق فصل السياسي المدني عن المقدس الديني و العودة بالصراعات الى مكانها الطبيعي و الفعلي ، الفضاء الاجتماعي.
26 سبتمبر 2016 / شكري لطيف

Aucun commentaire :

Enregistrer un commentaire

like